القيادة الفلسطينية تزيد من انفصالها عن الواقع

القيادة الفلسطينية تزيد من انفصالها عن الواقع

 



رام الله – وصفت مصادر سياسية عربية دعوة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إلى ضرورة وجود مبادرة دولية لملء الفراغ السياسي في ظل تدمير إسرائيل بشكل ممنهج لإمكانية إقامة دولة فلسطينية، بغير الواقعية في هذه الظرفية الحساسة والتي ينشغل فيها المجتمع الدولي والقوى الإقليمية بالحرب الروسية على أوكرانيا.


وقالت المصادر إن الحكومة الفلسطينية تزيد من خلال هذه الدعوة من انفصالها عن الواقع، في وقت ينشغل فيه العالم بتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.


ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها تل أبيب في العام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.


ويقول الدبلوماسي الفلسطيني السابق نبيل عمرو إنه كلما نشبت قضية ساخنة تستحوذ على الأضواء حول العالم فإن ذلك ينعكس سلبا على القضية الفلسطينية جراء انحسار الاهتمام الدولي بها.


نبيل عمرو: كلما نشبت قضية ساخنة ينحسر الاهتمام الدولي بفلسطين


ويوضح عمرو أن القضية الفلسطينية تتأثر سلبا جراء كل الصراعات حول العالم وهو ما يحدث حاليا متمثلا بحرب روسيا على أوكرانيا في ظل توقيت حرج تعانيه نتيجة الفراغ السياسي وعدم طرح مبادرة دولية جدية للحل السلمي.


ولم تعلن السلطة الفلسطينية أي موقف رسمي من تطورات ما يجرى في أوكرانيا، وفضلت الصمت والتزام موقف الحياد.


وفي السادس من مارس كشف وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي أن القيادة الفلسطينية تعرضت لضغوط من أجل اتخاذ موقف مما يجري في أوكرانيا.


وصرح المالكي لتلفزيون فلسطين الرسمي أن الموقف الفلسطيني يلتزم الحياد من أزمة أوكرانيا، مضيفا “نحن ننأى بالنفس، لأننا دولة تحت الاحتلال لا نستطيع أن نتحمل عبء اتخاذ موقف لصالح طرف على حساب طرف آخر، وانعكاسات ذلك علينا”.


ويقول الكاتب والمحلل نهاد أبوغوش إن الفلسطينيين لا مصلحة لهم في حرب روسيا على أوكرانيا ولا في غيرها من الحروب الإقليمية والدولية.

ويقول الكاتب والمحلل نهاد أبوغوش إن الفلسطينيين لا مصلحة لهم في حرب روسيا على أوكرانيا ولا في غيرها من الحروب الإقليمية والدولية.


لكنه يشير إلى أن “انشغال المجتمع الدولي عن الفلسطينيين وقضيتهم يتركهم فريسة لمخططات إسرائيلية، من خلال تصعيد خطط الاستيطان ومصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية وخلق الوقائع على الأرض”.


ويبرز أبوغوش أن “حالة الضعف والهشاشة التي يعاني منها الفلسطينيون تجعلهم الأضعف في مواجهة أية أزمة إقليمية أو دولية، ما يتطلب منهم ضرورة إعادة تنظيم صفوفهم وترتيب بيتهم الداخلي على نحو يجعلهم أكثر قدرة على مواجهة التحديات والمخاطر المختلفة”.


ويقول مدير مركز مسارات للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري إن حرب روسيا على أوكرانيا “تحمل آثارا خطيرة محتملة على القضية الفلسطينية، وتراجع الاهتمام بها”.


وتشهد الأراضي الفلسطينية حالة من التململ حيال أداء السلطة التي يقودها الرئيس عباس، والتي فشلت على مدار سنوات في تحقيق أي اختراق يحسب لها، بل على العكس تماما حيث أن القضية الفلسطينية باتت اليوم قضية ثانوية، تستخدم وتوظف كورقة سياسية من قبل بعض القوى متى ما تأزمت علاقاتها بإسرائيل.


ولا يقتصر فشل السلطة في الإبقاء على القضية حية، بل وأيضا في طريقة تعاطيها مع الوضع الداخلي في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية مستحكمة تعانيها المناطق الفلسطينية، في مقابل تشدد القبضة الأمنية ضد كل نفس معارض للسلطة.


هاني المصري: الحرب على أوكرانيا تؤثر سلبا على القضية الفلسطينية


ومنذ أبريل 2014 توقفت المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، جراء رفض تل أبيب وقف الاستيطان والإفراج عن معتقلين قدامى وتنصلها من خيار حل الدولتين.

ويلقي منتقدو إسرائيل باللوم على الحكومات اليمينية المتعاقبة في الدولة العبرية في منع خيار حل الدولتين من خلال الترويج لسياسات الاستيطان التي جعلت إنشاء دولة مستقلة أمرا شبه مستحيل. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قد قال مؤخرا إنه يعارض إنشاء دولة فلسطينية والاجتماع بالرئيس الفلسطيني محمود عباس للترويج لحل الدولتين.


ويقول منتقدون إن الانقسامات الفلسطينية الداخلية أسهمت أيضا في وصول محادثات السلام برعاية الولايات المتحدة إلى طريق مسدود وانهيارها في 2014.


وبموجب اتفاقات السلام المؤقتة مع إسرائيل، كان من المفترض أن تخضع غزة لسيطرة السلطة الفلسطينية برئاسة عباس. لكن منافسيه الإسلاميين في حركة حماس سيطروا على القطاع الساحلي في 2007. وفشلت المحادثات المتقطعة على مدى سنوات في كسر الجمود بينهما.


ويتطلع الفلسطينيون إلى نهج مغاير من المجتمع الدولي نحو إيجاد حل جدي وسريع في التعامل مع ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بعد سنوات من التهميش، صاحب ذلك رفض الحكومات الإسرائيلية الجلوس على طاولة المفاوضات لإحياء عملية السلام.


ويقول مراقبون فلسطينيون إن القضية الفلسطينية واجهت واقعا من التهميش على مدار الأعوام الماضية في ظل عجز المجتمع الدولي عن تنفيذ القرارات الدولية والأممية الخاصة بالقضية الفلسطينية.


ويتساءل محللون: هل ستدرك الأطراف الفلسطينية ضرورة إنهاء الانقسام والتوافق على برنامج وطني للتحرر، والعمل من أجل منع تراجع القضية عالميًا، وتصويب البوصلة نحو القدس والحقوق الفلسطينية من خلال خلق رأي عام دولي مساند للقضية خاصة في ضوء ما كشفته حرب أوكرانيا والعقوبات الدولية المشددة على روسيا من الازدواجية في تطبيق القانون الدولي؟

أترك تعليقا

أحدث أقدم