أعاد الجدل بشأن وجوب طلب الرحمة للصحافية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة القصة إلى المربع الأول: مفاتيح الدين عند من؟ هل هي عند الله الرحمن الرحيم أم هي عند الشيوخ الذين يشتغلون بالدين ويأكلون منه ويعيشون بسببه عيشة الملوك، ولأجل ذلك لا يريدون من أحد أن يتحدث باسمه أو يفتي قبل أن يسألهم، ويأخذ منهم الفيزا لدخول ملعب الفتوى؟
لست متخصصا بالدين، ولا يستهويني أن أتكلم باسم الله، فلِلّه نصوص يمكن أن يقرأها من شاء وفق تأويله ومراجعه، لكن ما يهم هنا لفت النظر إليه، لماذا يتصدر البعض المشهد دائما لإظهار أن الدين يفرّق بين الناس، يكره المرأة ويحقد عليها، ويكره أصحاب المذاهب الأخرى والأديان الأخرى، ولا يقدمونه إلا في صورة العذاب الشديد؟
أليس الأولى أن يقدم هؤلاء الشيوخ وجه الدين الآخر، دين الرحمة، الدين الذي ينزه الإنسان كقيمة، والذي يعتبر أن من قتل نفسا بغير نفس كأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها كأنما أحيا الناس جميعا.. الدين الذي يبحث عن “كلمة سواء”، دين التعايش على أرضية المشترك الإنساني، أي على قاعدة المواطنة.
ثم من كلفهم أصلا بأن يتحدثوا باسم الدين، من وضع مفاتيحه في جيوبهم؟ لا أحد، فقط هو سطو على مهمة الحديث باسم الله، وهذا يحدث حين تكون المجتمعات في تراجع وتسلم رقابها للمشعوذين والمتشددين.
لدينا في تونس شيوخ من هذه الفئة، بينهم عادل العلمي الذي يختفي طويلا ولا يظهر إلا لتوتير الأجواء حين تطرح قضايا خلافية. هذا اختصاصه، صب الزيت على نار الخلافات، ليس فقط في موضوع شيرين أبوعاقلة، بل لديه سجل طويل.
وقال العلمي في تدوينه على فيسبوك “نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم نعظم مصيبة موت كل إنسان وبالأخص أصحاب الخصال الكريمة، ولكننا لا نترحم إلا على من مات على الدين الحق الإسلام العظيم (…) هكذا علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم”.
إرسال تعليق