واشنطن – لا تزال أوكرانيا صامدة بعد مرور أكثر من مئة يوم على الغزو الروسي لأراضيها، لكنها بينما تهاجم مناطق محتلّة خشية ضمها من قبل روسيا وتدافع عن مناطق أخرى، تطالب حلفاءها الغربيين باستمرار مدها بأسلحة جديدة أكثر قوة، بعد استنفادها الأسلحة الروسية والسوفيتية الصنع.
وكشفت مصادر عسكرية أميركية أن أوكرانيا استنفدت ترسانتها من الأسلحة روسية الصنع بعد 107 أيام من الحرب وباتت حاليا تعتمد بشكل كامل على حلفائها للحصول على الأسلحة لتتمكن من التصدي للغزو الروسي.
ولطالما اعتمدت الدولة السوفيتية سابقا على المعدات السوفيتية والروسية في بناء جيشها وقطاع الدفاع التابع لها، من أسلحة صغيرة ودبابات ومدفعيات هاوتزر وغيرها من الأسلحة ذات المعايير الروسية التي لا يمكن الاستعاضة عنها بتلك التابعة لجيرانها غربا.
وأفادت المصادر الأميركية أن هذه المعدات استُنفدت أو دُمّرت في المعارك على مدى أكثر من ثلاثة أشهر منذ اندلع النزاع عندما غزت روسيا أوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير.
واليوم، تستخدم قوات كييف، أو تتعلم كيفية استخدام، أسلحة صنعت في الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين المنضوين في حلف شمال الأطلسي “ناتو”.
ولا تملك أوكرانيا الكثير من الأسلحة الغربية، فحتى حلفاءها قاموا بتزويدها بأسلحة روسية تدرك جيدا كيفية استخدامها.
وبدا الغرب حذرا في بداية الحرب حيال تزويد كييف بالكثير من الأسلحة، خشية إمكانية تسبب ذلك باندلاع نزاع بين الناتو وروسيا.
كما شعر الغرب بالقلق من إمكانية سقوط تكنولوجيا الأسلحة المتقدمة في أيدي روسيا.
بدلا من ذلك، قدّم حلفاء أوكرانيا لها مخزوناتهم من المعدات ذات المعايير الروسية، بما في ذلك الدبابات والمروحيات لدعم قوات كييف.
وقادت الولايات المتحدة جهود تمشيط دول سوفيتية سابقة أخرى للحصول على ذخيرة وقطع ومعدات إضافية تلبي احتياجات أوكرانيا، لكن كل هذه المعدات استُنفدت أو دُمّرت.
وقال مسؤول أميركي في حديثه عن الأسلحة السوفيتية أو ذات المعايير الروسية إنها “لم تعد موجودة في العالم”.
يعني ذلك أنه بات على القوات الأوكرانية الانتقال إلى أسلحة غير مألوفة بالنسبة إليها صُنعت بناء على مواصفات غربية.
وتخلّت الولايات المتحدة وشركاؤها في الناتو عن مخاوفها السابقة من إمكانية اتساع رقعة النزاع أو وصول تكنولوجيا حساسة إلى روسيا وقررت إرسال أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا، مثل مدفعيات هاوتزر ونظام هيمارس الصاروخي المدفعي عالي الحركة، علما أن الأخير قادر على إطلاق صواريخ على مدى أبعد وبدقة تفوق تلك المتوفرة في الأسلحة الروسية.
وصرّح مسؤول عسكري أميركي أن قادة جيوش الدول الحليفة ينسّقون تحت مظلة “مجموعة الاتصال” المخصصة لأوكرانيا التي تضم 40 عضوا، مساعداتهم لتمكين قوات كييف من الحصول على الذخيرة وقطع الغيار والأسلحة بلا انقطاع.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه ناقش المساعدة العسكرية الفرنسية لأوكرانيا مع نظيره إيمانويل ماكرون خلال محادثة هاتفية الخميس. وأكدت باريس أن الرئيس الفرنسي الذي تترأس بلاده مجلس الاتحاد الأوروبي حتى لاثلاثين من يونيو، سأل الرئيس الأوكراني خصوصا “حول حاجاته” من المعدات العسكرية، بما في ذلك “الأسلحة الثقيلة”.
لكن مسؤولين شددوا على أنه إذا بدا أن الأسلحة تصل ببطء، فيعود السبب الرئيسي في ذلك إلى أن الحلفاء يرغبون بالتأكد من أن القوات الأوكرانية ستتمكن من استيعابها بشكل ثابت وآمن.
وتهدف هذه الوتيرة البطيئة لتدفق الأسلحة أيضا إلى الحد من مخاطر تسبب القصف في أوكرانيا بتدمير أي أسلحة مخزّنة، والتأكد من أن كييف قادرة على تسلمها بأمان.
وبالتالي، ترسل الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية إلى أوكرانيا على مراحل.
وتشمل آخر حزمة مرسلة من الأسلحة، بقيمة 700 مليون دولار أُعلن عنها في الأول من يونيو، أربع راجمات صواريخ من طراز “هايمارس” وألف صاروخ مضاد للدبابات من طراز “جافلين” وأربعة مروحيات بمعايير سوفيتية من طراز “مي – 17”.
كما تشمل 15 ألف قذيفة “هاوتزر” و15 مدرّعة خفيفة وغير ذلك من الذخيرة.
وقال المسؤول الأميركي الثاني “نحاول المحافظة على تدفق الأسلحة بشكل ثابت”.
وطالبت كييف مرارا بأنظمة “هايمارس” ذات المدى الأبعد، لكن واشنطن لم توافق على تزويدها بها إلا عندما شعرت بأن أوكرانيا باتت جاهزة لاستخدامها.
وأفاد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارك ميلي الأربعاء أنه بينما يتم إعداد أربعة من أنظمة هايمارس المخصصة لأوكرانيا، فإن برنامج التدريب يتركز على تأسيس فصيل واحد في كل مرة لتشغيلها، وهي عملية يمكن أن تبطئ عملية تسليمها.
وأضاف ميلي للصحافيين أن هايمارس “نظام بعيد المدى ومعقد للغاية”، مشيرا إلى أنه “يتعين علينا المصادقة على تدريب هؤلاء الأشخاص للتأكد من معرفتهم كيفية استخدام النظام بشكل صحيح”.
وقال ميلي “إذا استخدمو أنظمة هايمارس بشكل صحيح وفعّال، سيكون لها تأثير جيد للغاية في ساحة المعركة”.
لكن بحسب مسؤول أميركي آخر، فإن الولايات المتحدة غير مستعدة لإرسال مسيّراتها التكتيكية من طراز “غراي إيغل” إلى أوكرانيا، خشية استخدامها في ضرب عمق الأراضي الروسية، وهي خطوة تحمل خطر جر واشنطن إلى نزاع مباشر مع موسكو.
إرسال تعليق