سوريا وإيران تعقّدان تعامل إسرائيل مع أزمة أوكرانيا

سوريا وإيران تعقّدان تعامل إسرائيل مع أزمة أوكرانيا

 إسرائيل تخشى أن تؤدي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا إلى صرف الأنظار الدولية عن التوصل إلى اتفاق أكثر تشددا إزاء إيران في مفاوضات فيينا.


الحسابات تتحكم في تحديد المواقف

تل أبيب – تضع العملية العسكرية الروسية التي بدأت الخميس في أوكرانيا إسرائيل أمام حسابات صعبة، تبدأ من سوريا وتمر بإيران، وبينهما روسيا.

وللدولة العبرية حساباتها التي تتمثل في الاستمرار في التمتع بـ”حُرية” هجماتها الجوية على أهداف في سوريا تقول إنها إيرانية، وأيضا رغبتها في تقويض قدرة إيران على إنتاج قنبلة نووية.

وفي حين أن حرية هجماتها في سوريا مرتبطة بغض طرف من قبل روسيا فإن فُرص التوصل إلى اتفاق دولي مع إيران في فيينا يلبي مطالبها تشوبه تساؤلات في ظل انشغال العالم بأزمة أوكرانيا.

ويرى يوناثان فريمان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، أن آثار هذه الأزمة على العلاقات الإسرائيلية – الروسية “متعددة”.

ويقول فريمان “أعتقد أولا أن لدى إسرائيل مخاوف في ما يتعلق بقدرتها على العمل من الجو في سوريا”.

إسرائيل تخشى أن تؤثر الأزمة الأوكرانية في قدرتها على التحرك الجوي ضد أهداف في سوريا بموافقة روسية
وأضاف “كلما ابتعدت المسافة بين روسيا وإسرائيل بسبب الأوضاع، وبسبب مواقف تل أبيب الداعمة منذ وقت طويل للمواقف الأميركية، ازداد احتمال أن يترتب على ذلك تقييد قدرة إسرائيل على العمل في تلك المنطقة”.

وتابع “لدى إسرائيل أيضا مخاوف في ما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية التي تربطها مع روسيا، فهي تستورد الدقيق من هناك، وأيضا بعض النفط، ولذلك فإن آثار الأزمة متعددة”.

ولفت فريمان إلى أن إسرائيل “لامت روسيا على هذا الهجوم، ولكن عليها أن تُحدد ما إذا كانت ستفرض عقوبات على موسكو، وما نوع العقوبات التي ستفرضها عليها؟”.

وقال “حتى الآن لم يصدر عن إسرائيل سوى الكلمات، ولم تقم بأي إجراء، ولذلك يتعين الانتظار لرؤية ماهية الإجراءات التي ستقوم بها ضد روسيا، وعليها اتخاذ القرار”.

وبعد تردد أدان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد في مؤتمر صحافي يوم الجمعة الماضي الهجوم الروسي على أوكرانيا وقال إنه “انتهاك خطير للنظام الدولي”.

وأضاف أن إسرائيل “تُدين الهجوم، وهي مستعدة وجاهزة لتقديم المساعدة الإنسانية للمواطنين الأوكرانيين”.

وتخشى إسرائيل أن يؤثر هذا الموقف على علاقاتها بروسيا، وخاصة قدرتها على التحرك الجوي ضد أهداف في سوريا بموافقة روسية.

وأعلنت إسرائيل مرارا أنها نفّذت المئات من الهجمات الجوية على أهداف، قالت إنها تابعة لإيران وحزب الله اللبناني في سوريا، خلال السنوات الماضية.

وقال المراسل العسكري لصحيفة هآرتس العبرية يانيف كوبوفيتش “إن مصدر القلق الرئيسي لمؤسسة الجيش هو عرقلة العلاقات الإسرائيلية – الروسية الحساسة تجاه سوريا، حيث ورد أن الجيش الإسرائيلي يعمل بانتظام ضد القوات المدعومة من إيران، وهي جماعة حزب الله اللبنانية”.

يائير لابيد: إسرائيل مستعدة لتقديم المساعدة

وأضاف كوبوفيتش “في ظل هذه الظروف من المرجح أن يُغيّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سياسته بشأن العمليات الإسرائيلية في سوريا وأماكن أخرى في الشرق الأوسط”.

وأردف “في محاولة لاستعادة مكانته يمكن لبوتين أن يتحرك للحد من قدرة إسرائيل على العمل ضد التواجد الإيراني، في إطار آلية تفادي التضارب بين إسرائيل وروسيا في سوريا”.

واتفقت إسرائيل وروسيا على “آلية تفادي التضارب” عقب التدخل الروسي العسكري في سوريا عام 2015، لمنع وقوع اشتباك دون قصد خلال الهجمات الإسرائيلية ضد التواجد الإيراني في سوريا.

وتابع كوبوفيتش “يُقدّر المسؤولون الإسرائيليون أيضًا أن روسيا قد تقرر نقل أسلحة أكثر تقدمًا إلى سوريا ودول أخرى في المنطقة، بهدف تحقيق عائدات من صفقات الأسلحة الكبيرة، مع خلق توازن جديد للرعب في مواجهة القوات العسكرية الغربية في منطقة الشرق الأوسط”.

وتمتلك روسيا نفوذا عسكريا كبيرا في سوريا، حيث تدعم قوات النظام في مواجهة قوى المعارضة.

وأشار إلى أن هناك “مصدر قلق آخر لإسرائيل، هو أن روسيا قد تستخدم أنظمة متقدمة لتعطيل أنظمة التوجيه عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وإجراءات الحرب الإلكترونية الأخرى والهجمات الإلكترونية، لتعطيل الناتو أو العمليات الغربية في البحر المتوسط”.

وقد يؤدي ذلك أيضًا، وفق كوبوفيتش، إلى “تقييد حرية الجيش الإسرائيلي في العمل أو تعطيل التكنولوجيا العسكرية والمدنية في إسرائيل”.

ومن ناحية أخرى تخشى إسرائيل أن تؤدي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا إلى صرف الأنظار الدولية عن التوصل إلى اتفاق أكثر تشددا إزاء إيران في مفاوضات فيينا.

للدولة العبرية حساباتها التي تتمثل في الاستمرار في التمتع بـ"حُرية" هجماتها الجوية على أهداف في سوريا، وأيضا رغبتها في تقويض قدرة إيران على إنتاج قنبلة نووية


وكانت إسرائيل قد رجّحت قبيل العملية الروسية أن يتم هذا الاتفاق خلال هذا الأسبوع. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في مستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية الأحد “تشهد المحادثات بين إيران والدول العظمى بخصوص العودة إلى الاتفاق النووي تقدمًا كبيرًا، وقد نرى إبرام اتفاق خلال فترة وجيزة”.

وأضاف “يبدو أن الاتفاق الجديد الذي تتم بلورته هو أقصر وأضعف من الذي سبقه”، في إشارة إلى اتفاق 2015.

ووقّعت إيران اتفاقا في 2015 مع الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وألمانيا، لكن واشنطن انسحبت منه في 2018 وأعادت فرض عقوبات على طهران.

ويفرض الاتفاق قيودا على برنامج إيران النووي لمنعها من إنتاج أسلحة نووية مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.

ويقول فريمان “تتخوف إسرائيل من إمكانية أن تشجع هذه الحرب إيران التي قد تشعر بأنها أكثر قوة بسبب الأوضاع، كما قد تشعر أيضا بأن الغرب لا يريد القتال وأنه يريد الاتفاق”.

وأضاف “لذلك فإن إيران قد ترفّع الثمن الذي تريده مقابل الاتفاق، سواء أكان ذلك بالحد من العقوبات ضدها أو بأمر آخر”.

وتابع “هذا في المقابل قد يدفع إسرائيل إلى الشعور بالمزيد من الخوف؛ فبسبب الأوضاع الراهنة بين روسيا وأوكرانيا سيصبح الغرب أقل حدة تجاه إيران في اتفاق أقل قبولا من طرف إسرائيل”.

وكان موقع “تايمز أوف إسرائيل” الإخباري قال الجمعة إن السبب الأعمق وراء تفضيل إسرائيل حلا دبلوماسيا سريعا لإنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا هو أنه سيسمح بالاهتمام العالمي بالعودة إلى مفاوضات فيينا.

وأضاف الموقع “يُعتقد أن القوى العالمية على وشك توقيع اتفاقية دبلوماسية أخرى يُنظر إليها على أنها أكثر أهمية بالنسبة إلى مصالح إسرائيل، وهي اتفاقية العودة المشتركة بين الولايات المتحدة وإيران إلى الامتثال للاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة والمشتركة”. 

أترك تعليقا

أحدث أقدم