القاهرة بعين أجنبية

القاهرة بعين أجنبية

 



بالنسبة لي فإن ركوب التوك توك وأكل الكشري في القاهرة هما حدثان شخصيان كانا عبارة عن تجربتين جديدتين، قد لا تستحقان الإفراط في التأمل أو الإطراء كثيرا.


التوك توك وسيلة نقل مدهشة في الحارات الضيقة قد تأخذ شكلا سياحيا يُذكر بالهند وفقرها. كما أن أكل الكشري باعتباره طعاما ركّبه المصريون من مطابخ مختلفة، هو نوع من التمرين على فهم الذائقة المصرية التي يصعب على المرء استنطاق أسرارها وبالأخص في الطبقات الاجتماعية الدنيا المغلقة على وصفاتها الغذائية الجاهزة. ذلك لغز.


حين وصلنا إلى نهاية سوق الغورية قلت لصديقي الرسام رفقي الرزاز “إن كل البضائع المعروضة في السوق هي أقل قيمة من حجر واحد من أحجار باب زويلة”.


 لا تمنع تلك المفارقة من الاعتراف بظرف الباعة المصريين للترويج لبضائعهم الخاصة بالعرائس الجدد. تبتسم الفتيات الصغيرات أمام كلام الباعة المفضوح فيما تعبس أمهاتهن.


حاول الرزاز أن يتفاوض مع أحد سائقي التوك توك غير أنه عاد مندهشا. سألته “ما الذي حدث؟” فقال “لقد سألته عن السعر فقال لن أخبرك إلى أن نصل” فضحكنا.


كان ذلك نوعا غريبا من التفاوض. أما الكشري فإن العثور عليه كامل الأوصاف هو في حاجة إلى خبرة سابقة. 


المصريون يحبون المحاشي والكوارع وسندويتشات الفول والطعمية والبطاطس.


أغذية رخيصة غير أنها تُشبع وهي لذيذة في عدد من المطاعم الشعبية المكتظة.


وعلى المرء أن يكون حذرا في الذهاب إلى المطاعم في المناطق السياحية. ذلك لأن الأسعار ستكون مضاعفة من غير أن تكون الجودة مضمونة.


 لقد كان الطعام رديئا في أحد أشهر تلك المطاعم وأغلاها بالرغم من أن السياح يرتادونه مسحورين بشهرته السابقة ومكانه وسط البلد.


ولأن الكشري طبخة مركبة من عدد كبير من المواد فإنك غالبا ما تفاجأ بنقص واحدة أو أكثر من تلك المواد. حينها لن يكون ما تأكله ذلك الكشري الذي يعرفه المصريون في بيوتهم.


هناك مطاعم قليلة يؤكد البعض أنها الأفضل في إعداد الكشري ولكنك قد لا تصل إلى واحد منها بسبب ضيق الوقت ومحدودية حركتك.


فالقاهرة مدينة كبيرة ومزدحمة بالبشر وليس أمامك من أجل اختراق الأزقة الضيقة سوى اللجوء إلى التوك توك وسيلة للتنقل إذا أردت رؤية ما يُسمى بالحياة الحقيقية للمصريين.


استأجرت ذات مرة توك توك رغبة مني في الوصول إلى أحد مطاعم الكشري ذات السمعة الطيبة، غير أنني وسط انبهاري بطريقة عيش المصريين وقدرتهم المرنة والمرحة على التعايش مع الزحام، نسيت الهدف الذي استأجرت من أجله التوك توك ولم أتناول الكشري. القاهرة على السطح مدينة فرجة.  


أترك تعليقا

أحدث أقدم