واشنطن - أقالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية مراسلة الشؤون السياسية المحلية فيليشيا سونميز، بسبب تغريدات نشرتها على حسابها على تويتر انتقدت فيها تعامل إدارة الصحيفة مع مجموعة من قضايا وسائل التواصل الاجتماعي على مدى السنوات القليلة الماضية.
ويأتي فصل الصحافية بعد وقف “واشنطن بوست” لصحافي آخر عن العمل، بعد أن شارك على حسابه في تويتر مزحة تحمل دلالات تمييز جنسي.
وفي الأيام الأخيرة، أثارت تغريدات سونميز الانتقادية سلسلة من الخلافات العامة بين الصحافيين، ما وضع صحيفة “واشنطن بوست” في موقف صعب إذ أصبحت موضوعًا لقصص إخبارية رئيسية في وسائل الإعلام
العالمية.
ووفقا لرسالة إنهاء الخدمة فقد فصلت سونميز “بسبب سوء السلوك الذي يشمل العصيان، والإساءة إلى الزملاء في العمل عبر الإنترنت، وانتهاك معايير الصحيفة بشأن الزمالة والشمولية في مكان العمل”.
وكانت سونميز قد تلقت تحذيرًا علنيًا بعد سلسلة تغريدات منتقدة للمراسل السياسي دافيد ويغل الذي تم إيقافه عن العمل لمدة شهر واحد دون أجر بعد نشره نكتة ذات دلالات جنسية على تويتر.
وحث الصحافيون سونميز على التراجع عن انتقاداتها العلنية. لكن سونميز رفضت التراجع وبدلاً من ذلك قامت بنشر سلسلة طويلة من التغريدات حول إخفاقات الإدارة في معالجة مثل هذه القضايا.
وعلقت سومينز على تغريدة على تويتر، حملت آراء بعض زملائها في “واشنطن بوست” الذين قالوا إنه “على الرغم من أن الصحيفة ليست في حالة كمال، فإنهم فخورون بالعمل فيها”. وكتبت “بالطبع واشنطن بوست مكان رائع للعمل فيه. إنه مكان رائع لهم (تقصد الإدارة)، إن نظام العمل هو لصالحهم، لكن ماذا عن بقية العاملين؟”. وأضافت “يريد معظم، نعم معظم، العاملين في واشنطن بوست حل المشكلات في المؤسسة وليس تجاهلها، ولا يقتصر الإحباط على ما يتعلق بتويتر، بل أيضاً حول مشكلات تشجيع الصحافيين للبقاء في المؤسسة”.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي تمر فيها الصحافية فيليشيا سومينز بأزمة مع إدارة “واشنطن بوست”. ففي شهر مارس من العام الماضي نشرت 16 تغريدة على موقع تويتر كشفت فيها كيف أن إدارة الصحيفة أبعدتها عن عدة تغطيات تتعلق بقضايا اعتداء جنسي أو انتهاكات مماثلة بسبب تجربتها السابقة كناجية من عملية تحرش.
وأُجبرت سالي بوزبي رئيسة التحرير التنفيذي لصحيفة “واشنطن بوست”، على الرد على التغريدات من خلال رسالتين إلكترونيتين حثت فيهما “الزملاء على عدم التحدث بالسوء عن بعضهم البعض علنًا على مواقع التواصل الاجتماعي”. وأشارت إلى أن “تغريدات سونميز العلنية قوضت سمعة واشنطن بوست”.
وفي الأشهر الأخيرة، قال العديد من قادة الأخبار البارزين حول العالم إنهم يخططون للانسحاب من تويتر، أو حثوا صحافييهم على فعل ذلك بأنفسهم. ومع أن أغلب المؤسسات الإعلامية الكبرى تدقق بحرص في حسابات العاملين فيها على مواقع التواصل لتفادي أي تضارب تحريري يحسب على سياسة المؤسسة من صحافيين يحاولون أن يكونوا نشطاء، إلا أن “واشنطن بوست” ذهبت أبعد من ردود فعل نظرائها على ما يبدو تجاه من اعتبرت منشوراتهم على الإنترنت غير مقبولة.
يذكر أن تويتر أصبح عالماً موازياً حقيقياً يعيش فيه الصحافيون، ووجدت الصحف الكبرى نفسها مضطرة لوضع قواعد ولوائح تنظم العلاقة بين الصحافيين وتويتر.
وسبق أن وضعت إدارة صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية قواعد جديدة تنظم العلاقة بين الصحافيين العاملين فيها وبين تويتر. ووجه رئيس التحرير التنفيذي للصحيفة دين باكيت، إلى محرري الجريدة وصايا مفادها “غردوا أقل، غردوا بتدبر، ركزوا أكثر على عملكم الصحافي”.
فرهاد مانغو: بدل أن يصنع منا موقع تويتر صحافيين فضوليين وأذكياء، فقد حوّلنا إلى ماكينات ساخطة
ويقول الكاتب جوشوا بنتون في تقرير على موقع “نيمان لاب” إن وصايا باكيت قد تبدو كما لو أنها تعني “أيها الصحافيون توقفوا عن التغريد”. وهي مسألة مثيرة للجدل بالطبع.. فكيف يمكن منع صحافيين من التفاعل بإيجابية على إحدى أهم منصات وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة وأن تويتر صار مصدراً للمعلومات والأفكار ووسيلة مهمة جداً للتواصل مع المصادر والجمهور والتعرف على ردود الأفعال بشأن العديد من القضايا، بما في ذلك القصص الصحافية.
وأصبحت لدى إدارة نيويورك تايمز، قناعة بأن تويتر يستهلك وقت الصحافيين، بدرجة تؤثر على أدائهم المهني. لذلك تحتم وضع قواعد جديدة.
وترى إدارة الصحيفة أن تركيز الصحافيين صار ينصب كثيراً على جمهورهم وطبيعة الردود التي ستحظى بها تقاريرهم على تويتر. كما أن التغريدات السيئة التي يطلقها البعض منهم تهدد سمعة نيويورك تايمز وطاقم المحررين عموما.
ويقول باكيت إنه ليس المطلوب من الصحافيين مغادرة موقع تويتر لكن يتعين عليهم الحد من الوقت الذي يمضونه على المنصة سواء بإطلاق التغريدات أو متابعة تغريدات الآخرين.
إرسال تعليق